آخر الأخبار

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

كيف تدرب حوت كبير




السيرك
لم يسبق لى ان زرت سيركا من قبل . كنت اعتقد ان السيرك مكان للترفية والتسلية ، ولم اقبل الدعوة لزيارته الا على مضض . كنت منشغلا بالبحث عن فكرة جديدة لكتابى الجديد . لوم اكن ادرى ان تلك الزيارة ستكون هى موضوع الكتاب نفسة . شركائى فى تاليف هذا الكتاب هم مدربو السيرك انفسهم فقد اكتشفنا ان هناك اشياء كثيرة مشتركة بين تدريب الحيتان فى السيرك وتدريب الناس فى المؤسسات وفى كل مكان .
اساس تدريب الناس
دارت كتبى السابقة حول فكرتين اسسيتين تشكلان خلاصة خبرتى ومسيرتى العملية والعلمية :
1-    فاجىء موظفيك متلبسين بعمل ايجابى وكافئهم علية .
2-    تجاهل اعمالهم السلبية ، ولا تعلق عليها .
ولكل من هاتين الفكرتين دور محدد فى تدريب البشر :
تؤدى الفكرة الاولى الى تثبيت العمل الايجابى فى بيئة العمل وتاكيد حرص الموظفين على تكرارة .
وتؤدى الفكرة الثانية الى تقليصدور الاعمال السلبية فى بيئة العمل ، كما تؤكد عدم انشغال الادارة بها :
كلنا نعرف ان بيئة العمل لا تخلو من الاعمال السلبية التى تقع بين الحين والاخر . فهل تجهلها هو افضل حل لضمان عدم تاثيرها ؟ وهل الاكتفاء بعدم التعامل معها يؤدى بنا الى اقصائها خارج المؤسسة ؟
يقدم لنا السيرك جوابا جديدا من هذا السؤال الذى طالما تجنبت او خشيت الاجابة عنه . وهو بذلك يمدنا بفكرة ثالثة فى تدريب البشر هى :
3-    التحويل : Redirection وتعنى تحويل الطاقات التى تستخدم فى الاعمال السلبية لتستخدم فى الاعمال الايجابية
هذة هى الفكرة الجديدة التى نجح شركائى – فى هذا الكتاب – فى تطبيقها على اعمالهم التدريبية فى السرك .
انبهار يقود الى سؤال
جلست مثل اى متفرج عادى اشاهد العرض المثير الذى تقدمة الحيتان والدرافيل . وانبهرت بالقفزات الرائعة والاستعراضات المنظمة التى ادتها بمجرد ان يشير المدرب بيدية عندما انتهى العرض ضج المكان بالتصفيق الحاد وتعالت صيحات التقدير من الجمهور ولكنى بقيت فى مكانى مندهشا فقد استحوذ على ذهنى سؤال L كيف تمكن المدرب من اقناع هذة الحيتان المفترسة باداء هذة الحركات المنظمة ؟) . حيرنى السؤال فلم الاحظ الجمهور وهو يغادر المكان وبقيت وحيدا ارقب المدرب يطعم الدرافيل والحيتان مكافاة لها على ادائها المتميز فى هذة اللحظة قفزت الى ذهنى فكرة الكتاب الجددي فاقتربت من المدرب واخرجت من جيبى ورقة بمائة دولار وقلت له " ساعطيك هذة الادولارات اذا اخبرتنى بالسر ".
فنظر لى المدرب مندهشا وقال : سر ماذا ؟
فقلت : السر فى ان هذة الحيتان تفعل ما تامرها به . هل تسيطر عليها بشحنات كهربائية اام تتركها تجوع اذا لم تنفذ ما تريده منها . ام انك ..
قاطعنى المدرب وقد بدا الاستياء يعلو وجهة قائلا : " اعد نقودك الى جيبك فانا لا استخدم هذة الاساليب فى تدريب حيتانى ".
قل له :" لا تسىء فهمى انا لا اقصد الاساءة انا متخصص فى تدريب الموظفين وتشغل بالى فكرة كتاب جديد واعتقد اننى وجدتها لديك فهل يمكنك ان تساعدنى ؟.
اولى خطوات التدريب
اتفرجت اسارير المدرب وابتسم قائلا " حسنا فى البدايه عليك ان تعرف ان التدريب بالاكراه والعنف لا يؤتى ثمارة مع الحيتان فالحوت يستطيع ان يفترس مدربة فى لحظة والعنف لا يؤدى سوى الى الخوف والخوف يشل حركة الحوت فاذا شعرت الحيتان بالخوف فلن تؤدى ايا من الاستعراضات التى رايتها اليوم ".
فقلت بلهفة : " اذن فاول خطوة للتدريب هى .. ".
فاكمل جملتى : ".. نعم .. او خطوة للتدريب الحقيقى هى ازالة الخوف ".
فعقبت قائلا :" .. ازالة الخوف .. من العلاقة بينك وبين المتدرب .. وسواء كان بشرا ام حوتا ثم بادرته بسؤال اخر :" ماذا اذن لو اخطا الحوت ولم يتعلم الدرس او لم يؤد الحركات التى تريد تلقينها له ؟ الا تعاقبة.
ضحك المدرب وقال :" فلتجب انت عن هذا السؤال . هل ترى هذا الحوت مثلا ؟" واشار الى احد الحيتان الضخمة فى الماء – تحرك الحوت باتجاهنا عندما لمح اشارة المدرب فخشيت على نفسى وتراجعت للخلف فزعا – ولكن المدرب مضى فى الاتجاة الاخر لينحنى ويربت بيدية على الحوت . ثم نظر لى وقال : " اترى هذا الفك . تصور ان هذا الحوت اخطا فى تعلم الدرس الذى القنه له فهل تعتقد اننى ساعاقبة او اضربة مثلا ثم ابقى معه فى الماء لاعيد تدريبه ؟ اعتقد ان اى شخص لدية قدر بسيط من الحكمة والعقل لن يفعل ذلك ".كانت كلمات المدرب منطقية لدرجة لم اعد احس معها بالخوف من الحوت ، فاقتربت منه لاسمعه بطريقة افضل .
نقلة ذهنية
شعرت باننى على وشك انا فهم شيئا جديدا فسالته بهدوء :" ماذا تفعل اذن مع الحيتان التى لا تستجيب ولا تريد ان تتعلم ؟.
فاجاب :" انا لا انظر للمسالة من هذه الرواية . واستغرب انك مفهوم فقط بالتعامل مع الذين لا يستجيبون للتدريب . يبدو انكم يامدربى البشر تعملون فى الاتجاة الخطا فانتم تهدرون طاقاتكم واوقاتكم فى التعامل مع من لا يستجيبون للتدريب وكان فيكم رغبة خفية للتهرب من مسؤلية التدريب انتم تحاولن ان تدارو فسلكم فى التدريب بمعاقبة من لايستجيبون للتدريب وبهذا الشكل تظنون انكم تعطون العالم رسالة فحواها:" اننا كمدربين لم نفسل فى التدريب ولكن المتدربين هو الذين يفشلون ". وتخدعون انفسكم بتصديق هذة الرسالة وذلك بتركيز جهودكم على وسائل معاقبة المقصريين .
شعرت ببعض الحرج ولكنى قلت :" اعتقد ان التعامل مع المقصرين بالنسبة لى كمدرب هى مسالة بحث عن منهج لتقويم السلوك ليس الا وهذا فرع من علم التدريب ". ولم اسمع سوى الصمت فلم اكن مقتنعا بما قلته للتو .
بادرنى مدرب السيرك قائلا :" دعنى اسالك : هل تبحث عن استراتيجية لمكافاة المتميزين ام تبحث عن اساليب لمعاقبة المقصرين ؟"
بناء الثقة
كان واضحا ان الموقف قد تبدل فهذا انذا مدرب البشر الشهير اصبحت تلميذا لمدرب السيرك دون ان اجد فى ذلك غضاضة كنت اطرح علية السؤال تلو الاخر واشعر مع كل اجابة بتقدير خاص لخبرته وحسة التدريبى فقلت :" كيف اذن تدرب هذه الحتان على اداء الحركات بالشكل المتميز الذى رايته ؟".
فاجاب :" عندما تصلنا حيتان جديدة لا ندربها على اية حركات . فما الذى سيجعل حوتا لا يعرفك يطيعك ويفعل ما تريدة منه ؟"
اجبت : " نعم . هذا صحيح اذن كيف تدربها على الطاعة ؟"
فقال :" عن طريق بناء الثقة . يحتاج الحوت لانه يثق بك . فانا لا استطيع ان ادرب حوتا قبل ان احظى بثقته اولا . لبناء الثقة فانا لا اكلف الحوت باية اعمال فى البداية . كل ما هنالك هو اننى اصنع الفرص لتوطيد وبناء الثقة بيننا . اعده اولا على ان يشعر بالامان فلا اؤذية ولا اضربة ، حتى يقتنع ".
فسالته :" يقتنع بماذا ؟
فاجاب يقتنع بانى لا اريد ان اؤذية وانما اقصد المحافظة علية والاعتناء به وبهذا يتخلى الحوت عن دفاعاته ضدى ومقاومته نحوى ويبدا فى الاستجابة .
دلائل الاستجابة
سالت مدرب السيرك وكيف تبدا مرحلة استجابة الحوتوكيف تبدا مرحلة استجابة الحوت وتطويع ارادته لما تريد ؟
فقال " بعد بناء الثقة اطعم الحوت بعناية واتاكد من انه شبعان قبل ان اقفز الى الماء لالعب معة ".
فقلت مستغربا : تلعب معه ؟.
فقال : نعم عندما يلعب الحوت معك ويحب ان يبقى الى جانبك فان هذة اول دلاله على انه اصبح جاهزا ليستجيب لما تريد منه خلال جلسات اللعب يمكنك تدريب الحيوان على العاب جديدة فى كل مرة عليك فقط ان تقدم له مكافاة مناسبة فى كل مرة يقوم فيها بحركة صحيحة بحيث يفهم بانه هذة هى الطريقة التى تريدة ان يتصرف بها اما العقوبات فهى محظورة تماما فى عملنا لانها تدمر الثقة التى استثمرنا الكثير فى بنائها نحن لا نتعامل الا فى المكافات وحدها المكافات وحدها كفيلة بان تجعل اعند الحيتان راغبا فى التعلم والتدريب والاداء المتميز .
التدريب بالحب
قلت لمدرب السيرك بصراحة انا مندهش من هذة النتائج المبهرة فى تدريب الحيتان ولا استطيع ان اتمالك نفسى من التساؤل كيف يمكن مدربو الحيتان من تغيير سلوكيات وطبائع الحيتان بهذة الطريقة بينما يفشل كثير من مدربى البشر فى ذلك اليس العكس هو المفروض ؟ اقصد انه لاتوجد بين البشر والحيتان لغة تفاهم مشتركة ومع ذلك يستطيعون تدريبها على الجانب الاخر يفشل المديرون فى تدريب موظفيهم وحتى ابنائهم على تغيير سلوكياتهم وطبائعهم فما هو تفسير ذلك ؟
فاجاب اعتقد اننى اعرف السبب فبادرته على الفور وما هو ؟ ارجوك اخبرنى .
فاعتدل مدرب السيرك فى جلسته وقال : انا لا ادرب حيتانا فقط ولكنى ادرب ايضا كثيرا من البشر الذين يريدون تدريب الحيتان ولذلك استطيع ان اخبرك باشياء كثيرة عن الفرق بين تدريب البشر وتدريب الحيتان .
قلت : تفضل .
فقال " حسنا يستند التدريب الى عاطفة ضرورية جدا وهى حب المدرب للمتدرب فاذا لم يحب المدرب المتدرب بحق فانه لن يجعله افضل منه ولن يطور مهاراته الا بالقدر الذى يجعل المتدرب محتاجا للمدرب على الدوام فانت كمدرب للموظفين او كمدير يكمن فى داخلك شعور بعدم الثقة فى ان يحل احد موظفيك محلك فى يوم من الايام اذا تعلم كل تعلمته انت لذا فانك لا تمنحة كل ما تقدر عليه من تدريب بل تتعمد ان تمنحة تدريبيا ناقصا بحيث تامن شرة . فى معظم الحالات يغيب الاخلاص من التدريب الانسان للانسان او المدير للموظف .
التدريب بالعقاب
تدريب المدير للموظفين بينما لا يحدث ذلك فى حالة تدريب الحيوان لان الانسان لا يشعر بالتهددي من المهارات التى يكسبها للحيوان .
ولكن ماذا عن تدريب الاباء للابناء هناك علاقة حب مخلصة فمع اولادى وعائلتى اشعر برغبة صادقة فى ان امنحهم كل ما لدى من علم ولكنى عندما افرغ من تدريبهم ثم اقوم بعد فترة طويلة بقياس التغير فى سلوكهم وطبائعهم اجد نفسى فشلت فى مهمة تغييرهم الى الافضل وهنا لا يكون السبب فى فشل التدريب هو عدم اخلاص المدرب فى حب المتدرب . فما السبب ؟
اجاب : السبب هو ان الحب وحده لا يكفى فتدرب الاباء للابناء يفشل لانه يقترن بالعقاب معظم الاباء يفرضون مايريدون على ابنائهم عن طريق التهديد والوعيد فياتى التدريب بنتائج عكسية صحيح ان الاباء يحبون ابنائهم ولكن الحب اعمى كما يقولون وهو اعمى العينين كما يلى :
1.      عين مغالية : وبها لا يرى المحب فى محبوبة سوى الصفات الحسنة والخصال الرائعة فيبالغ فى توقعاته من محبوبه .
2.      عين مبخسة : وبها لايرى المحب فى محبوبة سوى الافعال الصغيرة التى تجرحة هو شخصيا فيبخس كل ما يفعله المحبوب لارضائه ويختزن فى قلبه كل الاساءات والتصرفات السلبية التى احتملها عبر الايام الماضية .
العين المغالية تجعل المدرب يبالغ فى النتائج التى يتوقعها ممن يحب . العين المبخسة تجعلة لا يرى سوى السلوكيات السلبية ويتعامى عن السلوكيات الايجابية .
وهنا يصب الحب الاعمى فى شىء واحد هو العقاب وليس الاخلاص فنحن نستمر فى معاقبة من نحب ونتوقع منهم ان يتحملونا بل وان يتعلموا الدروس التى نفرضها عليهم فرضا بالعقاب .
فقلت : اذن الحل الصحيح هو التدريب بالحب وبدون عقاب اليس كذلك ؟.
العقاب الذى لا يخل بالثقة
سكت قليلا لاتمكن من استيعاب كل ما دار بيننا من حوار ثم اخرجت ورقة وقلما لادون هذة الافكار قبل ان انساها فسالنى مدرب السيرك ( ماذا تفعل ؟)
فقلت : ادون ما تعلمته منك حتى الان كى لا انساه . فنظر لى باستغراب ولكنى بادرته بقولى لقد قلت ان التدريب العقيم نوعان :
اولهما : الندريب بدون اخلاص ويكون مصدر ذلك هو شعور المدرب بالتهددي من المتدربين ويتمخمض عنه متدربون ناقصو المهارات .
وثانيهما التدريب بالعقاب : ويتمخض عنه تغيير سطحى فى سلوك المتدربين وهو يصدر عن قصر نظر المدرب فى التعامل مع المتدربين بعينين مختلفين عين مغالية فى التوقعات وعين مبخسة فى الانجازات .
فاجاب مدرب السيرك نعم ولكن ماذا تدون ما اقول ؟ هل تقوم ببحث او ما تشابه ؟فلم ادر ما اقول ولكنى اجبت " نعم نعم شىء من هذا القبيل وعندما احس باننى اتفادى نظراته قال شىء غريب حقا ارى ان تدريبك للبشر اثر فيك كثيرا .
فنظرت اليه معاتبا : ماذا تقصد .
فاجاب لا اعرف لماذا اشهر بانك تخفى شيئا وهذا يبعث شعورا بعدم الثقة . ثم سكت قليلا قبل ان يضيف اتعلم ان الشعور بانعدام الثقة بين المدرب والحوت كفيل بان يفسد عملية التدريب كلها بل وقد يدفع ايا من هذة الوحوش الى الغضب الذى يتحول بدوره الى سلوك سلبى .
شعرت بالحرج وقلت انا لم اقصد ان اخفى شيئا كل ما هنالك اننى كنت اسجل بعض النقاط كى استعين بها فى كتابة كتاب جديد عن التدريب ولكننى لم اقصد اثارة اى شعور بعدم الثقة بيننا .وعلى الفور طرحت سؤالا جديدا كى ابدد الشعور السلبى الذى بدا يظهر بيننا ولكن هل يعقل الا يلجا المدرب ابدا للعقاب ؟ اليست هناك اوقات يتحتم فيها تغيير السلوك بالعنف عن طريق العقاب ؟
وهنا عادت البسمة الى وجة مدرب السيرك وقال لى هناك بالطبع احيان لا بد فيها من العقاب ولكن بشرط.
فقلت متشوقا وما هو ؟
فاجاب : العقاب الذى لا يخل بثقة الحوت فى المدرب .
فسالته مندهشا : وكيف ذلك .
فاجاب : تقضى قواعد الثقة بين المدرب والحيوان ان يبرز المدرب العصا او السلاح او السوط الذى ينوى استعماله فى عقاب الحيوان ويلوح له به كى يدرك وجوده ويجب ان يعرف الحيوان قوة هذا العقاب ويتوقعه اذا ما ارتكب خطا وهنا يحدث شىء عجيب فسالته وما هو ؟فاجاب لايضطر المدرب الى استخدام السلاح او العقاببل يكفى بالتلويح به فقط للحيوان حتى يتغير سلوكة وانا اقول ذلك لانك ذكرت انك تعتقد انه لا توجد لغة مشتركة بين الانسان والحيوان بل هناك لغة الثقة فحتى العقاب يجب ان يستند الى ثقة الحيوان فى المدرب فلا يجب ان يخف المدرب العقاب بحيث يتحول العقاب الى مجرد رمز اى ان وجوده يغنى عن استعماله ويمكنك ان تقيس نجاح او فشل المدرب من استخدامة للعصا خلال التدريب او العرض فكلما زاد استخدامه للعصا كلما قلت كفاءته فى التدريب .
اغفال السلبيات
تم طرح مدرب السيرك على سؤالا قال لى ماذا تفعل عندما يخطىء احد موظفيك او احد ابنائك ؟
فاجبته انا لا اتحمل اى خطا عندما اكتشف خطا فانى اشعر بغضب شديد واحاول تصحيحة باى ثمن .
فقال " لقد سالتك عن ماذا تفعل عندما يخطىء احد مظفيك او احد ابنائك ولكنك اجبتنى بماذا تشعر عندما يخطىء احد موظفيك او احد ابنائك والفرق شاسع بين الاثنين ".
فقلت مصححا : اسف لم اقصد هذا بل قصدت اننى عندما اكتشفت خطا فانى اعاقب المسئول عنه كى لا يكرر الخطا .
فقال انت تركز على التعامل مع شخصية المخطىء ولا تركز على التعامل مع الخطا نفسه .
ففاض بى وقلت حسنا لقد حيرتنى ولا استطيع الاجابة قل لى انت ماذا تفعل اذا ما اخطا احد موظفيك او احد ابنائك او احد حيتانك ؟.
فابتسم وقال : استعد بالورقة والقم فقد تحتاج لتدوين ما ساقوله .
اولا : اركز على الخطا نفسه واقيس درجة فداحته فاذا كان الخطا بسيطا ويمكن قبوله فان التركيز علية سيضر اكثر مما يفيد وفى هذة الحالة افضل التجاهل الخطا برمته وعدم التعليق عليه فهذا الاسلوب يفيد كثيرا فى تعزيز الثقة . فالثقة تتطلب قدرا من التسامح وقبول الاخطاء .
ثانيا : اقيس درجة تعمد صاحب الخطا لارتكاب الخطا فاذا كانت ردجة تعمدة بسيطه فانى اتجاهله ايضا .
فقلت اعتقد ان هذا بديهى فانا ايضا افعل ذلك فاذا كان الخطا بسيطا او غير متعمد فانى اسامح مرتكبه ولا اعاقبه .
اتسعت ابتسامة المدرب وقال حتى فى هذة الاجابة ايضا انت تركز على شخصية مرتكب الخطا وعلى العقاب فضلا عن اننى عندما سالتك عن ماذا تفعل اذا اخطا موظفوك او ابناؤك لم تذكر انك تقيس درجة فداحة الخطا او درجة تعمد مرتكب الخطا لارتكابه اليس كذلك ؟
فقلت : لقد افترضت انك تقصد خطا من النوع الفادح والمتعمد .
فقا لمدرب السيرك : اذن انت تفترض ان غالبية الاخطاء هى من النوع الفادح والمتعمد حتى قبل ان تنظر فى درجة فداحتها او درجة تعمدها .
سكت قليلا لاستوعب ما قالة ثم اجبت : اعترف بذلك فانا عندما اسمع عن حدوث خطا تستحوذ على كثير من المشعر السلبية فتاتى ردود افعالى مغالية قليلا واشكرك على لفت نظرى لذلك .
فقال مدرب السيرك : وهل تعلم لماذا تستحوذ عليك المشاعر السلبية ةتاتاى ردود افعالك مغالية عندما تسمع عن وقوع خطا ؟.
فاجبت : كما قلت لاك انا لا احب ولكن قاطعنى قائلا صحيح انت تتعامل مع الاخطاء بانفعال فانت تحب وتكره قبل ان تفكر وتعقل ولذا تاتى ردود افعالك مغالية فتهز الثقة بينك وبين الموظفين والمتدربين .
ابراز الايجابيات
وقفت افكر فيما قاله مدرب السيرك قوجدته يجذبنى من يدى قائلا تعال ساريك ما اقصد ودلف بى الى غرفة ضغيرة وقال ساوريك حوضا لسمك الزينة واريد منك ان تحصى عدد سمكات الزينة التى بها لون احمر دون اى خطا ومد يده الى ستار وازاحه عن حوض كبير لسمك الزينة قائلا هيا ابدا فاقترب من حوض السمك وظللت احصى عدد السمكات ذات اللون الاحمر واحدة اثنتان وبعد قليل استدرت وقلت لقد احصيت خمس سمكات تحتوى على اللون الاحمر . ولكنه لم يجب بل امسك بالستار والفاة مرة اخرى على حوض السمكقبل ان يلتفت لى ويقول " حسنا هناك بالفعل خمس سمكات بها لون احمر داخل الحوض ولكن ماذا عن السمكات التى لا تحتوى على لون احمر . كم عددها ؟ فالتفت الى الحوض ولكنى وجدته قد اسدل الستار فلم استطع ان ارى الاسماك فنظرت اليه قائلا " ولكنك اسدلت الستار ولن استطيع ان احصى السمكات التى لا تحتوى على لون احمر ".
فقال مدرب السيرك : الوقت والجهد الذى تبذلة فى التركيز على السلبيات تاخذه من الجهد المطلوب للتركيز على الايجابيات . ليس لدى كمدرب وقت للتركيز على الايجابيات ليس لدى كمدرب وقت للتركيز على تصيد السلبيات فقد علمتنى التجربة التدريبية الفعلية اننى عندما اركز على شىء وارصد الجوائز والمكافات لمن ينفذه فان الكل يتسابقون للوصول اليه ، فلا يعود لدينا اى وقت للاخطاء . فقلت مصرا ولكن فى كثير من الاحيان لا بد من العقاب .
فنظر بعمق وقال " العقاب شىء والانتقام شىء اخر طبق ما تريد من عقاب ولكن لا تلتمس فى العقاب اى منفذ للانتقام من المخطىء . ليكن الهدف الاساسى من العقاب هو معالجة الخطا وتدريب المخطىء على عدم تكرارة . فاذا احس من تعاقبه بانك تفعل ذلك انطلاقا من رغبتك فى الانتقام فان نتيجة العقاب تنقلب الى ضدها .
فلسفة التحويل
بعد كل ما قاله مدرب السيرك عن اغفال السلبيات قلت له باصرار L يعلم الله انى تعلمت منك اليوم الكثير . ولكنى اجد صعوبه فى تصديق مساله اغفال السلبيات . فانا افهم معنى ابراز الايجابيات . ولكنى لا استطيع اغفال مسالة السلبيات . فهل يمكنك مساعدتى فى ذلك ؟.
قال : : انا لا اقول ان السلبيات غير موجوده وان علينا ان نغض الطرف عنها .بل اقول علينا تحويل اهتمامنا من الانشغال باصطياد السلبيات الى الانشغال باحلال الايجابيات محلها فما اقصده هو التحويل .
اقتربت منه وسالته " ماذا تقصد بالتحويل ؟".
فاجاب " تحويل الطاقة القادرة على انتاج السلبيات الى طاقة لانتاج الايجابيات ".
وهنا ارتفع حاجبى رغما عنى استعداد لفهم شىء جديد فاسترسل مدرب السيرك عندما نتحدث عن الاخطاء المعتمدة والفادحة التى يرتكبها الحيوان او حتى الانسان . فنحن نتحدث عن طاقة تخرج من هذا الحيوان او هذا الانسان بقصد فعل الخطا . السبيل الوحيد للتخبص من الخطا هو اعادة توجيه Rechanneling هذة الطاقة نحو فعل شىء ايجابى . وذلك بان نجذب انتباه الحيوان او الانسان على الدوام نحو المكافات التى يتوقع الحصول عليها اذا ما اتى الفعل الايجابى الذى نلوح له به .
فقلت : روما يضمن ان من كان على وشك ارتكاب خطا معتمد سوف يفضل ان يفعل الشىء الصواب اذا ما منحته عنه مكافاة ؟.
فاجاب : الهدف من تعمد الحيوان او الانسان ارتكاب خطا هو واحد من اثنين : اما الاعتراض والاحتجاج على نظام العمل او التمرد على سلطة المدير والمكافاة تلغى الهدفين مكافاة الاعمال الايجابية تزيد مصداقية نظام العمل وتلغى اسباب التمر . فتحل محلها اسباب الامتنان والاعتراف بالجميل ".
فقلت : ولكن هذا ايضا لا يضمن ان يتحول كل من يريد التخريب الا الاصلاح بمجرد التلويح له بالمكافاة . فهناك مخربون ومخطئون بطبيعتهم وهؤلاء يجدون مكافاتهم فى تعمد الخطا والتخريب .
فاجاب : انا اتفق معك فى وجود اناس وحيتان من هذا النوع . ولكن عليك انت ان تتفق معى على ان هؤلاء قله ، ولا يصح ان ناخذ الاغلبية بجريرة الاقلية فهذا ضد طبيعة الاشياء والمطق . جرب فقط ان تبقى المتدربين مشغولين بالحصول على المكافات ، حتى لا يتاح لهم الوقت او الجهد لتعد الاخطاء . وسترى النتيجة ".
انواع المكافات
سالت مدرب السيرك : لنتحدث عن المكافات التى تمنحها لتحول الطاقات من السلبيات الى الايجابيات . ما هى هذه المكافات ؟"
فاجاب : هذا سؤال جيد فى البداية كنت اعتمد على مكافة الحوت بالطعم فاقذف له بالاسماك التى يجب التهامها ثم لاحظت ان الحوت لم يكن يفعل الايجابيات الا عندما يكون جائعا وعندما يكون متخما فانه قد يرتكب اخطاء متعمدة لانه لا يحتاج للطعام فكان لا بد من تغيير سياسة المكافات .
فسالته : وكيف ذلك ؟.
فاجاب : قررت توزيع المكافات استخدمت انواعا مختلفة من الاسماك ذات نكهات مختلفة . فالحوت يعلم انه اذا تمكن من اداء حركة صعبة فانه سيحصل على سمكة لذيذة الطعم ، اما اذا ادى حركة بسيطة فانه سيحصل على سمكة صغيرة وذات طعم عادى . كذلك استخدمت المكافات المعنويه . فالحوت يحب من يربت على راسه وعلى جسده . الحوت الذى يجتهد فى العمل يعلم اننى ساربت على راسه كثيرا ، اما الحوت الذى لا يجتهد فكثيرا ما يشعر بالالم عندما يتجه نحوى واتجاهله دون ان اربت على راسه ، فيبتعد عنى وهو حزين . ولكنه يحاول ان يلفت نظرى ببذل مزيد من الجهد فى المرات القادمة كى اربت على راسه مثل زميله المجتهد ".
لم اتمالك نفسى وقلت :" رائع جدا اريد انا اسالك عن .." ولكنه قاطعنى قائلا : اعذرنى يجب ان انزل الى الماء مع الحيتان ن لامنحها المكافات التى تتوقعها عن ادئها المتميز اليوم .وانا واثق انك ستغفر لى ذلك .
فقلت : : طبعا . طبعا . انا الذى التمس منك العذر اذا كنت قد عطلتك عن اداء عملك .
فاجاب : العفو . ثم قفز الى الماء برشاقة وتجمعت حوله الحيتان التى فرغت للتو من تناول طعامها وظل ينتقى منها من يربت على راسه بل وكان يقبل بعضها ويحضنها فى حب بالغ . بينما ظللت اراقبه باعجاب ، بينما يدور بداخلى تساؤل : هل يمكننى ان اعامل من يعملون عندى بهذة الطريقة ؟ وهل ساحصل منهم على ما يشبه النتيجة الباهرة التى يحصل عليها هذا المدرب المتميز ؟.
لقاء جديد
خرج مدرب الحيتان من الماء بعد ان اتم مهمته فى مكافاة الحيتان وكيف انتظره فقال لى انا اعلم انك تريد ان تتعلم شيئا من تدريب الحيتان لتعيد تطبيقه على تدريب الانسان والموظفين والادارة اليس كذلك ؟ فاجبته : نعم بالضبط . هذا ما اريد .
فقال : اذن اسمح لى ان اعرفك على من يفيدك اكثر منى . فبعد ربع ساعة سيحضر احد الاستشارين المتخصصين ليلقى محاضرة فى مجموعة من الزملاء فى السيرك وادعوك لكى تحضر .
سررت جدا لدعوته ، واتصلت لالغى ارتباطاتى واحضر البرنامج التدريبى . وبالفعل وجدت نفسى فى قاعة التدرب فى السيرك . جالسا اما احد المحاضرين .
تجربتان
كان المحاضر لبقا وقال موجها حديثه للحضور :
" سوف نجرى تجربتان :
الاولى : اريد منكم ان ينظر الى الموجودين حوله ويتصيد الاخطاء الموجوده فى ملابسهم . ويدونها على ورقة ويحضرها لى خلال ثلاث دقائق . ولنبدا فورا . هيا . عندما قال المحاضر ذلك حل السكون على المكان وبدا كل شخص يمسك بالورقة استعداد للتدوين عليها . فامسكت انا ايضا بورقتى ، وبدات انظر الى من حولى بشكل مستتر واحاول تدوين ما استطيع تصيده من اخطاء . وبعد مضى 3 دقائق سمعت المحاضر يطلب من المحاضرين وضع الورقة واحضار الاوراق . وبالفعل بدا المشاركون يسلمون اوراقهم بصمت . وكان المحاضر ينظر فى ساعته ويسجل اراقاما فى دفتره .
الثانيه : وبعد قليل قال : اما الان فسنقوم بالتجربه الثانيه . لينهض كل منكم من مكانه ويتجى الى اقصى الغرفة ويتعرف على بقية المشاركين ، لمدة 3 دقائق فقط كالمرة السابقة .
ضجت الغرفة بالحركة وتجمع المشاركون فى الاركان وتعالت اصوات ضحكاتهم وكلماتهم . وبعد ان انقضت 3 قائق طلب المحاضر من المشاركين العودة الى اماكنهم ، ولكن صوته لم يكن مسموعا وسط ضجة اصوات المشاركين الذين انخرط معظمهم فى احاديث جانبيه . فاضطر المحاضر الى توجيه الحديث مرة اخرى للمشاركين للعودة الى اماكنهم ، وهنا بدات حركة عودة المشاركين للعودة الى اماكنهم ، وهنا بدات حركة عودة المشاركين الى اماكنهم ببطء وعلى مضض ولم تخفت اصواتهم ولا ضحكاتهم الا لماما ، وعاد المحاضر ينظر فى ساعته ويسجل بعض الارقام فى دفتره .
عندما عاد المشاركون الى مقاعدهم ، سالهم المحاضر : لقد قمنا للتو بتجربتين فهل تعلمون كم استغرقت التجربه الاولى وكم استغرقت التجربه الثانيه ؟ فقال احد المشاركين : اتستغرقت كل من التجربتين 3 قائق . فاجاب المحاضر : هذا ما طلبته منكم ، ولكن التجربه الاولى استغرقت 3 دقائق بينما استغرقت الثانيه اكثر من 10 دقائق . فماذا يعنى هذا ؟.
ثم استطرد المحاضر




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق