كان يا ما كان فى قديم الزمان ، فارن وقزمان ، يعيشون فى
متاهة مليئة بالجبن . وكانوا سعداء بهذة الحياة لان الجبن كان غداء دائما لهم ،
وكان يجلب لهم السعادة .الفاران اسمهمها : (( شمام )) و (( سريع )) اما
القزمان فكانا ضئيلين فى حجم الفئران
واسمهما : متوكل ومتواكل . كان الاربعة يمضون الوقت فى الماهة باحثين عن جبنهم
المفضل ، فكان الفأران شمام وسريع يبحثان عن الجبن وياكلان اى نوع يجدانه . اما
القزمان ، متوكل ومتواكل ، فقد استخدما عقليهما فى البحث عن نوع متميز من الجبن
اعتقدا انه سيجلب لهما السعادة .ورغم اختلاف الفارين عن القزمين الا ان الاربعة
كانوا يرتدون ملابسهم الرياضية واحذية الجرى ثم يغادرون منازلهم الصغيرة وينطلقون
فى المتاهة بحثا عن جبنهم المفضل .كانت المتاهة عبارة عن شبكة من الممرات
والدهاليز والغرف والزوايا المظلمة وكان من السهل ان يتوة فيها الانسان . استخدم
الفاران شمام وسريع اسلوب التجربة والخطا للعثور على الجبن ، فكانا يركضان فى احد
الممرات واذا لم يجدا به جبنا كانا يدوران على عقبيها وينتقلان الى غيرة ، وسرعان
ما اصبحا يتذكران الممرات الخالية من الجبن ويدخلان مناطق جديدة .
كان شمام يستكشف الاتجاة العام للجبن مستخدما انفه
الكبير ويندفع سريع منطلقا اللى الامام وكان يضلان الطريق ويذهبان فى الاتجاة
الخطا ويصطدمان بالجدران . ولكنهما كان يجدان طريقهما بعد حين .
اما القزمان متوكل ومتواكل فقد استخدما قدرتهما على
التفكير والتعلم من خبراتهما السابقة وحاولا ابتكار اساليب اكثر تعقيدا للعثور على
الجبن فاصابا نجاحا فى بعض الاحيان وفى احيان اخرى كانت افكارهما وعواطفهما تشوش
نظرتهما للامور فتزيد من صعوبة وتعقيد الحياة فى المتاهة .
ومع ذلك اكتشف الجدميع ما كانوا يبحثون عنه كل بطريقتة
الخاصة فقد وجد كل منهم نوع الجبن المفضل له ذات يوم عند نهاية احد الممرات فى
محطة الجبن .
ومنذ لك الحين ظل الفاران والقزمان يرتدون ملا بسهم
واحزيتهم الرياضية كل صباح ويتجهون الى محطة الجبن ولم يمض وقت طويل حتى صار لكل
منهم نظامة الروتينى الخاص فداوم شمام وسريع على الاستيقاظ مبكرا كل صباح ثم الاسراع
الى المتاهة سالكين دائما نفس الطريق وعند وصولها كان يخلعان احزيتهما الرياضية
ويقوم كل منهما بربط فردتى الحزاء معا وتعليقها حول رقبته حتى يسهل عليه ارتداء
الحزاء بسرعة فيما بعد ثم يجلسان للاستمتاع بالجبن .
فى بادىء الامر كان متوكل ومتواكل يسرعان ايضا كل صباح
الى محطة الجبن للايتمتاع بالجبن ولكن بعد فترة قصيرة اتبع القزمان روتينا مختلفا
. فصارا يستيقظان من نومهما متاخرين قليلا ويرتديان ملا بسهما على نحو ابطا ثم
يسيران الى محطة الجبن ، فقد كانا يعلمان تماما مكان الجبن وكيفية الوصول اليه .
لم تكن لديهما فكرة عن مصدر الجبن او من وضعة هناك بل
افتراضا انه سيكون هناك وحسب .
بمجرد وصول متوكل ومتواكل الى محطة الجبن كل صباح كان
يسترخيان ويتصرفان وكانهما فى منزلهما فيخلعان ملا بسهما الرياضية واحذيتهما
الخاصة ويسيران حفاة الاقدام . لقد تعاظم شعورهما بالاطمئنان والراحة بعد ان وجدا
الجبن .
قال متواكل : هذا رائع لدينا كميات كبيرة من الجبن
تكفينا للابد .
احس القزمان بالسعادة والنجاح وظنا انهما فى امان . ولما
كانت المحطة عبارة عن مخزن ضخم ، بنى القزمان منزلين قريبين منها ثم زينا الجدران
بالشعارات والاقوال الماثورة بل ورسما صورا فكاهية للجبن وعلقاها فى كل مكان
حولهما وكانت احدى العبارات تقول " الجبن يجعلنا سعدا ".
فى بعض الاحيان كان متوكل ومتواكل يصطحبان شمام وسريع
لمشاهدة كومة الجبن .
قال متواكل : نحن نستحق هذا الجبن فقد تعبنا كثيرا حتى
عثرنا علية ثم التقط قطعة من الجبن والتهمها واستغرق فى النوم كعادته واستمر
الاثنان على هذة الحال بعض الوقت الى ان بدات ثقة متوكل ومتواكل تتحول الى غرور
وامسى شعورهما بالاطمئنا طاغيا لدرجة لم يلحظا معها ما كان يجرى .
واصل شمام وسريع روتينهما فكانا يصلان مبكرين لمحطة
الجبن يتفقدان المكان للتاكد من عدم وجود اى تغير ويطمئنان على دوام الحال ثم
يجلسان لتناول الجبن وفى صباح احد الاسيام اكتشفا ان الجبن بدا ينفد من المحطة .
تبادل الفاران النظرات وانزل كل منهما حزاءة المعلق حول
رقبتة وارتداة فى قدمية وعقد رباطة بحزم لم يبالغ الفاران فى تحليل الموقف فقد كان
المشكلة بسيطة وكذلك الحل لقد تغير الوضع فى محطة الجبن فقرر شمام وسريع ان يتغيرا
هما ايضا نظر طلاهما فى المتاهة ثم رفع شمام انفة الى اعلى وبدا يشم الهواء واوما
براسة الى سريع فانطلق الاخير يعدو داخل المتاهة يتبعة شمام وكانت بداية لرحلة بحث
جديدة عن جبن جديد .
وصل متوكل ومتواكل الى محطة الجبن فى وقت متاخر ذلك
اليوم ولم يكونا قد لاحظا التغيرات الصغيرة التى طرات على مر الايام وكانا واثقين
ان الجبن سيكون بانتظارهما .
صاح متواكل فى جزع يا الهى لا يوجد جبن !؟ مستحيل ..
مستحيل ثم صرخ باعلى صوتة : من حرك جبنى ؟
وضع متواكل يدية حول خصرة وقد احمر وجهة من فرط الانفعال
وصرخ باعلى صوتة هذا ظلم .
هز متوكل راسة غير مصدق ما حدث واستمر فى مكانة برهة
مشدوها من هول الصدمة لان ذلك لك يكن فى الحسبان .
كان متواكل يزمجر باعلى صوتة حتى ان متوكل صم ازنية
باصبعية فلم يكن مستعدا للصدمة ولم يكن يريد التعامل مع الامر الواقع .
كان سشلزك القزمين مفهوما فلم يكن العثور على الجبن
بالامر اليسيؤ وكان هو مصدر سعادتهما الوحيد .
بالنسبة للاخرين قد يعنى الجبن تبوؤو منصب رفيع او
الشعور بالامان او امتلاك منزل جميل ونظرا لفداحة الموقف فقد قضى القزمان وقتا
طويلا وهما يحاولان تقرير ما ينبغى عملة وهداهما تفكيرهما الى الاستمرار فى تفحص
ارجاء المحطة للتحقيق مما اذا كان الجبن قد اختفى فعلا ؟
بادر شمام وسريع بالتحرك سريعا بينما ظل متوكل ومتواكل
حائرين مشدوهين يلعنان الظروف وبدا القنوط يتسرب الى نفس متوكل قال لنفسة ماذا
عساى ان اصنع اذا لم اجد الجبن هنا غدا ؟ وكان على حق لانه بنى كل خططة المستقبلية
على اعتبار ان الجبن لن ينفد .
لم يستطع القزمان تصديق ما حدث فلم يحزرهما احد وقبل ان
يعودا الى المنزل كتب متوكل العبارة التالية على الجدار " كلما ازدادت اهمية
الجبن بالنسبة لك تشبثك به " فى اليوم التالى عاد الاثنان الى محطة الجبن لكن
الموقف ظل كام هو فالجبن لم يعد موجودا فلبث القزمان جامدين فى مكانهما اغلق متوكل
عينية وبدا يفكر كان يتمنى لو انه لاحظ تناقص الجبن اما متواكل فقد حلل الموقف
اكثر من مرة واعمل عقلة المعقد وبدا يصرخ شاكيا لم فعلوا بى ذلك ؟ لن اسكت على هذا
وساشجب الموقف واعلن عن رفضى التام لكل المتغيرات هذا غير مقبول ابدا .
اخيرا فتح متوكل عينية واجال بصرة فى المكان ثم قال اين
شمام وسريع ؟ هل تعتقد انهما يعلمان شيئا لا نعرفة ؟ فاجاب متواكل فى تهكم : ما
الذى يمكن ان يعرفاة ؟ ثم اردف قائلا : انهما مجرد فاران . نحن اذكى من الفئران
قال متوكل : انا اعلم اننا اذكى ولكننا لا نتصرف بذكاء
فى هذة اللحظة بالذات فالامور تتغير هنا يامتواكل وربما يكون من الافضل ان نتغير
نحن ايضا .
تساءل متواكل : ولم ينبغى ان نتغير ؟ اننا بشر ومتميزون
ولا ينبغى ان نتعرض لمثل هذة المواقف او ينبغى على الاقل ان يتم تعويضنا .
فسالة متواكل باستغراب ، ولم ينبغى تعويضنا ؟ ومن الذى
سيعوضنا ؟
اجاب متواكل بثقة نحن اصحاب حق ولا بد من تعويضنا اول
على الاقل اخطارنا بالتغير قبل حدوثة .
سال متوكل بفضول : لنا الحق فى مازا ؟
اجاب متواكل : لنا الحق فى جبننا . ليس من العدل ان ينفد
الجبن فجاة .
تساءل متوكل : لماذا ؟
اجاب متواكل : لاننا لم نتسبب فى هذة المشكلة بل ان شخصا
اخر هو المسئول ولا بد ان نستفيد من هذا الموقف نحن لم نخترع العولمة ولم نعقد
اتفاقية التجارة العالمية ولا يجب ان نصبح من ضحايا الجات .
قال متوكل (( علينا ان نكف عن تحليل الموقف وشجب العولمة
ونسرع فى البحث عن جبن جديد)) . اجاب متواكل معترضا : لا والف لا لابد ان اعرف السر وارفض ان اكون ضحية . وبينما
كان متوكل ومتواكل يتجادلان ويختلفان حول اتخاذ اى قرار ، كان شمام وسريع قد قطعا
شوطا بعيدا فتوغلا اكثر فى المتاهة وكان تركيزهما منصبا على اكتشاف جبن جديدا
واخيار وصلا الى محطة الجبن (ه) .
اطلقا صرخة طويلة وحادة من فرط سعادتهما لقد عثرا على
مخزون هائل من الجبن الجديد .
كان متوكل ومتواكل لايزالان فى محطة الجبن ( ج) يقيمان
الموقف . وبعد سلسلة من الشجب والندب انبرى كل منهما يلوم الاخر على ما هما فيه .
فى بعض الاحيان كان متوكل ومتواكل لا يزالان فى محطة الجبن ( ج) يقيمان الموقف .
وبعد سلسلة من الشجب والندب ، انبرى كل منهما يلوم الاخر على ما هما فية . فى بعض
الاحبان كان متوكل يتخيل شمام وسريع وهما يعثران على الجبن الجديد ويستمتعان
بتناولة ويرى نفسة ينطلق فى المتاهة فيعثر على جبن طارزج . بل انه كاد يحس بمزاق
الجبن الجديد فى فمة . وكلما تراءت لمتوكل صورته وهو يلتهم الجبن الجديد كلما تخيل
نفسة مبارحا محطة الجبن ( ج).
صاح متوكل فجاة : فلنغادر هذا المكان .
اجابة متواكل بسرعة : كلا انا احب هذا المكان فهو مريح
ومالوف كما ان المتاهة مجهولة ومحفوفة بالمخاطر .
قال متوكل معترضا : هذا ليس صحيحا لقد جبنا اجزاء كثيرة
فى المتاهة من قبل ولم نواجة ايه مخاطر وبوسعنا ان نفقعل الشىء مرة اخرى .
قال متواكل : لقد كبرنا يال اخى ولا اريد ان اضل طريقى
واصبح اضحوكة اما العالم . حينما سمع متوكل هذة العبارة عاودة الخوف من الفشل وخاب
امله فى العثور على جبن جديد . واصل القزمان الذهاب الى محطة الجبن ( ج) كل يوم ثم
يعودان ارداجهما الى المنزل بخطى ثقيلة . حاولا انكار ما يحدث وبدات الكوابي
تهاجمهما . ومع ذلك واظبا على العودة لمحطة الجبن ( ج) كل يوم .
قال متواكل : ربما يكون احدهم قد خبا الجبن خلف الجدار
وفى اليوم التالى عادا يحملان عدة الحفر امسك متواكل ازميلا بينما انهال متوكل
بمطرقة على جدار محطة الجبن ( ج) حتى احدثا فيه فجوة . القى الاثنان نظرة فاحصة
خلف الجدار فلم يجد شيئا .
فبدا متوكل يدرك الفرق بين النشاط والانتاجية . قال
متواكل : ربما يتيعن عليما ان نقعد هنا فلا بد ان يعيدوا لنا جبننا ان عاجلا او
اجلا .
لكن الجبن لم يظهر مرة اخرى ابدا .
ايقن متوكل ان زمام الموقف بدا يفلت من ايديهما ثم بدا
يسخر من نفسة ويقول الا ترى يامتواكل اننا نفعل نفس الشىء مرارا وتكرارا ونتعجب من
عدم حدوث تحسن اليس هذا مضحكا ؟ لم تكن لدى متوكل فكرة عن المكان الذى يمكن ان
يعثر فيه على الجبن ولكنه لم يتمالك نفسة من ان يسخر من حماقتة عندما راى ما صنع
به الخوف
سال متوكل ومتواكل : اين وضعنا اخزيتنا ؟ استغرق البحث
عن الاحزية طويلا لانهام وضعا كل شىء بغير نظام عندما وجدا الجبن فى المحطة (ج) .
اعتقادا منهما انهام لن يحتاجا للاحزية مرة اخرى .
عندما شاهد متواكل صديقة يرتدة حزاءه بادره قائلا : لا
اصدق انك ستذهب للمتاهة مرة اخرى ، لابد ان تنتظر معى هنا حتى يعيدوا الجبن الى
مكانة .
اجاب متوكل : ليس هناك من يعيد لنا جبننا فتحن مسئولون
عن انفسنا لقد حان وقت البحث عن جبن جديد .
قال متواكل مجادلا : ولكن ماذا لو لم يجد جبن فى المتاهة
؟ وحتى ان وجد ماذا سيحدث لو لم نعثر علية ؟
اطرق متوكل برهة ثم قال : لا اعلم لقد سالت نفسى كل هذة
الاسئلة ، فو كل مرة كنت اقعد فى مكانى مكبلا بالخوف . تخيل متوكل نفسة ضائعا فى
المتاهة ، لكنه شعر بالارتياح لانه ادرك ان العثور على الجبن لن يكون سهلا ولكنه
قال لنفسة اشعف الايمان اننى ساحاول . وفجاة ادخل الاصرار على المحاولة فى نفسة
نوعا من الارتياح ومرة اخرى تخيل نفسة يتناول نوعا فاخرا من الجبن ذى الثقول وجبن
شيدر بلونة الفاتح وجبن الموزاريلا والجبن الفرنسى . وعندما افاق من تخيلاتة قال
لصديقة : فى بعض الاحيان تتغير الامور وهذة هى سنة الحياة فالحياة تمضى وينبغى ان
نمضى معها .
نظر متوكل الى جسم صديقه النحيل ، محاولا ان يخاطبة بعقل
ومنطق . بيد ان خوف متواكل كان قد استحال غضبا فلم يجد منه الا صدا واعراضا . ضحك
متوكل وهو يقول : حان وقت الرحيل لا بد ان اسبر غور المتاهة . لكن اسارير متواكل
لم تنفرج ول ينبس بكلمة .
التقط متوكل حجرا غيرا حادا وخط به على الجدار هذة
العبارة (( اذاذ لم تتغير سوف تدمر )) عندما خطى متوكل اولى خطواته فى المتاهة
التفت وراءه وجال بنظرة فى المكان وبدا يشعر بحنين قديم يشد الى مرابع المنزل
القديم . ثم قال لنفسة : (( الحزن شىء رائه فهو يوقظ الانسان النائم بداخلنا وكزلك
الخوف رائع فلم اكن لاتحرك لو لم اخف على مستقبلى ))، كان يعلم ان قليلا من الخوف
يمكن ان يحفز على العمل غير ان الخوف يتحول الى ماساة اذا تملكنا الى حد يقعدنا عن
العمل .
فيما كان متوكل يتلمس طريقة فى المتاهة ساورة القلق لانه
تاخر عن شق طريقة الى الامام . لكنه قال لنفسة : اليوم افضل من غدا . وساوره شك فى
قدرته على مواصلة السير لانه لم ياكل جبنا منذ زمن .
ثم افتر ثغرة عن ابتسامة خفيفة وهو يقول " ان اصل
متاخرا خير من الا اصل على الاطلاق ".
فى الايام القليلة التالية لقى متوكل القليل من الجبن
هنا وهناك لكنه كان يامل فى العثور على جبن كاف لياخذ بعضا منه الى متواكل ويشجعه
على موافقته ولذلك لم يشعر بثقة كافية حيث بدا له ان اشياء كثيرة تغيرت منذ اخر
مرة اتى فيها الى هنا وكلما ظن انه يتقدم الى الامام كان يضل طريقة فى الممرات .
تساءل متوكل ما اذا كان متواكل قد انتقل لمكان اخر ام
انه ما زال فريسة للخوف . ثم تذكر ان الاوقات التى شعر فيها بانه فى افضل حالاتة
كانت تلك التى شهدت انطلاقة الى الامام فكتب على الجدار :
(( التحرك فى اتجاة جديد يساعدك فى العثور على جبن جديد
)) ثم ضحك من نفسة وادرك ان المخاوف لا تزيد الامور الا سوءا ففعل ما كان سيفعلة
لو لم يكن خائفا وسلك اتجاها جديدا .
اندفع متوكل يركض فى الممر المظلم وقد علت شفتية ابتسامة
. لقد بدا فى اكتشاف ما يغذى روحة وبدا يتحرر من خوفة مع ان لم يك يعلم ما تخبئة
له الاقدار وتسائل مستغربا لماذا اشعر بمثل هذة الراحة النفسية مع انى لا املك اى
جبن ولا اعرف الى اين امضى ؟ لكن توقف مرة اخرى وكتب على الجدار " عندما
تتجاوز الخوف الكامن بداخلك تشعر انك حر " ، لم تراودة مثل هذة الاحاسيس من
زمن طويل ، حتى كاد ينسى طعم الاثارة التى يبعثها فى النفس انتصار الانسان على
الخوف .
بدا متوكل يفكر فيما يمكن ان يكسبة لا فيما يمكن ان
يخسرة وشعر ان الحيوية والقوة بدات تدب فى جسدة من جديد وقبل ان يمضى وقت طويل
ابصر محطة جبن . تهلل وجهة عندما لاحظ قطع صغيرة من الجبن متناثرة قرب المدخل بدا
الجبن شهيا وعندما تزوقة وجدة لذيذا تناول متوكل معظم قطع الجبن ووضع القليل فى
جيبة ليتناولة فيما بعد او ربما لتقاسمة مع متواكل .ٍ
دلف متوكل الى محطة الجبن سعيدا بيد انه وجدها خاوية
اعتصر الحزن قلبة وقال لابد ان احدهم سبقنى وخلف وراءه تلك القطع الصغيرة ادرك انه
لو كان تحرك مبكرا لوجد كمية كبيرة من الجبن الطازجوقرر ان يعود ادراجة ويرى ما
اذا كان متواكل على استعدادا لمرافقتة . ثم كتب على الجدار " كلما اسرعت
وتخليت عن الجبن القدم كلما وجدت الجبن الطارزج بسرعة "، عاد متواكل ادراجة
الى محطة الجبن (ج) فوجد متواكل جالسا فى مكانة . قدم له بعض قطع الجبن الجديد لكن
متواكل ابى ان ياكلها وشكر صديقة على لفتتة الطيبة ثم قال لا اعتقد اننى احب الجبن
الجديد فانا لم اتعود اكلة اريد جبنى القديم ولا ابد ان احصل على ما اريد .
هز متوكل راسة فى ياس ولم يجد مناصا من العودة بمفردة
عندما وصل متوكل الى ابعد نقطة كان قد بلغها فى المتاهة شعر بالحنين الى صديقة
ولكنة استشعر سرورا خفيا بما كان يتكشف امام قلبة وعقلة كان يعلم ان ما جعلة سعيدا
لم يكن الحصول على الجبن فحسب كان منبع سعادته هو احساسة بانه تحرر من قيد المكان
القديم ومن التفكير الجامد .
ادرك متوكل مرة اخرى ان ما تخشاة لا يكون بالضرورة سيئا
بالدرجة التى يصورها لك خيالك وان الخوف الذى تدعة يتضخم فى عقلك اسوا بكثير من
الموقف الذى تعيشة فعلا .
كان تفكيرة القديم مشوشا بفعل هواجسة لكنة ادرك ان
التغير المستمر امر طبيعى سواء كنت تتوقعة ام لا .
لم يكن متوكل قد عثر على الجبن بعد . لكنه مضى يفكر فيما
تعلمة حتى الان . ادرك ان سلوكة تغير وتاكد من ان الانسان عندما يغير تصوراته يغير
ايضا افعالة وقال لنفسة يمكن للانسان ان يؤمن بان التغيير ضار . ويقاومة ويمكن ان
يؤمن بانه مفيد ويرحب به ان الامر كله مرهون بما نختار ان نفكر به . قرر متوكل ان
يمضى الى المناطق المجهولة وصافحت عيناة فى الطريق قطعا صغيرة من الجبن وبداء
يستعيد قوته وثقتة وعندما فكر فى المكان الذى جاء منه احس بسعادة لانه كتب كثيرا
من الافكار على الجدران وايقن ان ما كتبه سيساعد متواكل على الاهتداء لطريقة فى
المتاهة ولهذا اخرج قلمة وعاد يكتب على الجدار " الانتباة للمتغيرات الصغيرة
مبكرا يساعدك على التكيف مع المتغيرات الكبيرة لاحقا "، فى هذة اللحظة اندفع
متوكل فى ممر جديد وما ان انعطف حول زاوية الممر حتى وجد نفسة امام مخزن جبن كبير
وعندما دلف الى الداخل ذهل وهو يرى اكداسا من الجبن مرتفعة بعضها فوق بعض . لقد
راى اكبر مخزن من الجبن تخيلة فى حياته حتى انه لم يستطع ان يعرف كل الانواع التى
شاهدها لكثرتها ولم يكن ابدا يتخيل انه من الضرورى او بالامكان صناعة كل هذا الجبن
.
تساءل للحظة عما اذا كان ما يشاهدة حقيقة ام خيال ثم
حانت منه التفاته فوقع بصرة على صديقية القديمين شمام وسريع رحب شمام بمتوكل
بايماءة من راسة ونفخ الهواء من انفه مبتهجا بينما حرك سريع مخالبة مرحبا وقفز الى
اعلى معبرا عن رشاقتة .
ادرك متوكل عندما راى بطنيهما منتفخين ان الفارين
الصغيرين وصلا مبكرين حياهما على عجل وبدا يتدزوق الانواع التى اعجبتة من الجبن .
ثم خلع حذاءة وعقد رباطه وعلقة حول عنقة ليكون قريبا منه عندما يحتاج اليه ضحك
شمام وسريع وبدت عليهم علامات الاستحسان اقبل متوكل على الجبن الجديد يلتهمة بنهم
ثم هتف باعلى صوتة يحييا التغير .
ثم ضحك وادرك انه بداء يتغير منذ ان تعلم كيف يسخر من
نفسة ومن تصرفاتة الخاطئة ادرك ان اسرع طريقة للتغيير هى ان تسخر من غبائك عندئذ
فقط يمكنك ان تتحرر من مخاوفك وتنطلق نحو اهدافك بسرعة . وادرك متوكل ايضا انه
تعلم الكثير من صديقية شمام وسريع لقد تعاملا مع الحياة ببساطة ولم يبالغا فى
تحليل الامور فعندما تغير الموقف تغيرا هم ايضا وتحركا بسرعة اعمل متوكل تفكيرة
العميق وذهنة الصافى فى شىء يمتاز به الاقزام عن الفئران فقد بدا يستعيد كثيرا من
التفاصيل الواقعية ويتزكر الاخطاء التى ارتكبها فى الماضى ويفكر كيف علية ان
يساخدمها فى التخطيط للمستقبل .
ثم تاكد ان بامكان كل انسان قزما كان ام عملاقا ان يتعلم
كيف يتعامل مع التغيير . فقال متوكل لنفسة يمكنك ادارة التغير :
* اذا صرت اكثر بساطة وتحليت بالمبادرة وتحركت بسرعة .
* اذا لم تبالغ فى فلسفة الامور وتعقيدا وذا لم تربك
نفسك بتصورات سلبية تثير مخاوفك .
* اذا تمكنت من رصد التغيرات الثغيرة قبل ان تتفاقم
وابديت استعداد لمواجهة التغيير الكبير قبل ان يصبح امرا واقعا .
ادرك متوكل ان هلا شى يصير افضل ما لم يتغير وان هناك
جبنا جديدا فى مكان ما سواء عثرت علية فى الوقت المناسب ام لا كان يستشعر نفورا من
التغيير فى البداية لكنه اكتشف ان التغيير نعمة من نعم الله سبحانة وتعالى لانه
قادة الى العثور على الجبن اولا وعلى جانب من قواة الخفية الكامنة فى داخلة ثانيا
ثم تاكد ان اكتشاف الانسان لزاتة اهم من اكتشاف الجبن .
وفجاة فكر متوكل فى صديقة متواكل وكان يتساءل ما اذا كان
متواكل قد قرا ايا من العبارات التى كتبها على الجدران .ترى هل قرر متواكل ان
يتحرر من مخاوفة ويتحرك ؟ هل دخل المتاهة واكتشف ما يمكن ان يجعل حياته افضل ؟ ام
انه ما زال قابعا فى مكانة لا حول له ولا طول دون ان يدرك ان السماء لا تمطر ذهبا
ولا فضة وانها لن تمطر جبنا ؟
فكر متوكل فى العودة الى محطة الجبن ( ج) لعلة يعثر على
متواكل متوقعا انه سيستطيع الاهتداء الى طريقة ويصل الى هناك . فاذا وجد متواكل
امكنة ان ياخذ بيدة ويخرجة من محنتة لكن متوكل تزكر انه حاول من قبل ان يقنع صديقة
بالتغير ولم يفلح ثم كتب على الجدا " عليك ان تطلب من الاخرين ان يتغيروا
للكن لا تحاول اجبارهم على ذلك فم لا يتغير من الداخل لا يتغير ابد " ، الان
اصبح على متواكل ان يشق طريقة بنفسة متجاوزا مخاوفة وباحثا عما يبث فى نفسة الطمانينة
فلا يمكن لسواة ان يفعل ذلك نياة عنه وليس مطلوبا من احد ان يقنعة به بل علية هو
ان يعى ميزة تغيير نفسة . وتزكر متوكل انه ترك له سلسلة م العلامات على الطريق
ويمكنة الاهتداء بها . فارتاح ضميرة وتوجة الى اكبر جدار فى محطة الجبن الجديد ( ه
) وكتب علية خلاصة كل ما تعلمة وابتسم بارتياح وهو يكتب ما تعلمة :
توقع التغيير لان الجبن يتحرك من مكانة
باستمرار
تغير انت قبل ان تحاول تغير الاخرين
استمتع بالتغيير وغامر بشجاعة وتمتع بمزاق
الجبن الطارزج
ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بانفسهم
ادرك متوكل ان من
السعل علية ان يعود سيرته الاولى اذا ركن لراحة فبدا يتفقد محطة الجبن الجديدة (ه
) للوقوف على حالة الجبن بانتظام . ورغم انه كان يملك مخزونا ضخما من الجبن ، الا
انه واصل اكتشافاتة فى المتاهة ليعرف كل ما يدور حولة فقد ادرك انه المسئول الوحيد
عن تحديد اختياراتة والبدائل المتاحة امامه وبدا يفكر بما سمعة ويسمعة فى وسائل
اعلام الاقزام ادرك انه اصبح عملاقا رغم حجمة الصغير ورغم ضالة مواردة
كان بامكانة ان يلجا
الى صندوق النقد الدولى او البنك الدولى وكان بامكانة الاقتراض من الخارج
والاعتماد على المساعدات الخارجية لكنه ادرك ان بامكانة ان يصنع جبنة الخاص وربما
يستطيع تصديرة للخارج ومنذ تلك اللحظة قرر ان يبقى مستقلا وان يبدا مشروعا جديدا
لانتاج الجبن . وقرر ان ينتج الجبن البلدى لان الناس سيحبونة اكثر ولا ن سعرة
سيكون اقل .
فى هذة اللحظة
تناهى الى مسامع متوكل
ما خيل اليه انه صوت قادم من اطراف المتاهة . كان الصوت يقترب من مدخل محطة الجبن
(ه ) ثم علا الصوت اكثر وظن ان شخصا ما على وشك دخول المخزن . تساءل متوكل : هل
يكون هذا القادم صديقة متواكل ؟ وهل هو على وشك ان يرى وجة صديقة القديم .. يدخل
الى المخزن شاحبا ومنهكا من الجوع وتعب السير ؟!
تمتم متوكل بدعاء قصير
وكان يملأة الامل فى ان يكون صديقة قد تمكن فى النهاية من ادراك اهمية التغيير
وانه قد قرر :
>> التحرك مع الجبن والاستمتاع بالحياة <<
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق